حصن بورتانج واحد من أهم الحصون وأكثرها شهرة في التاريخ السياسي الهولندي؛ حيث لعب دوراً أساسياً في تقوية الجبهة الداخلية للقوات الهولندية في مواجهة القوات الإسبانية، ويعتبر من أبرز المعالم السياحية الهولندية لتصميمه المميز، ولكونه شاهداً على مرحلة مهمة في التاريخ الهولندي.
وبجانب أهميته التاريخية، يعتبر حصن بورتانج من مواطن الجذب السياحية الهامة في هولندا، حيث يتسم بجمال الطبيعة و الهدوء، و إذا قررت زيارة المنطقة فستجد نفسك في حلقة تشبة النجمة تمتلىء بالبحيرات والخنادق المائية التي تُذّكر بالحروب القديمة التي خاضتها هولندا ضد أسبانبا، كما تروي الكثير عن عظمة من قام ببناء الحصن وإبداعه الهندسي.
خلال حرب الثمانين عام والتي امتدت منذ عام 1568 إلي عام 1648 كان الأسبان يسيطرون على بلدة جرونينجن الهولندية والطريق المؤدي منها إلى ألمانيا، وقد فطن وليام أورانج، زعيم هولندا آنذاك، إلى أهمية قطع الاتصالات بين جرونينجن وألمانيا وخاصة أن هذه المنطقة تقع على مقربة من الحدود الألمانية، وذلك لقطع الإمدادات التي تصل إلى القوات الإسبانية عن طريق تلك البلدة، ولذلك قرر إقامة حصن Bourtange على الطريق الرئيسي المؤدي إلى برلين باعتباره الوسيلة الأنسب لتحقيق هذا الأمر، وجاء تصميمه على هيئة نجمة تحيط بها القنوات والبحيرات لتستخدم كخنادق في مواجهة الأعداء، و بعد وقت قصير من بنائه حاصرته القوات الإسبانية من خلال جرونينجن و شنت هجوما عليه إلا أنه قد باء بالفشل.
واجه حصن بورتانج معركة أخرى في عام 1672 من قبل الغزاة الألمان، وذلك بعد أن تمكنت القوات الألمانية من السيطرة على 18 مدينة في شمال هولندا، وقد طالبت قوات برلين السلطة الهولندية تسليم الحصن والتخلي عنه وهو ما قوبل بالرفض من قبل قادة هولندا، وردت ألمانيا بشن هجوم عنيف إلا أنه فشل مرة أخرى بفضل القنوات والخنادق المائية المحيطة بالحصن والقلعة والتي مكنته من اجتياز المعركة بنجاح.
و بعد إعلان بورتانج بلدية منفصلة تم دمجها ببلدة جرونينجن عام 1851، إلا أن الأحوال المعيشية ساءت واستمرت في التدهور لأكثر من 100 عام، وهو ما دفع الحكومة المحلية الهولندية إلى مواجهة هذه المشكلة الاقتصادية عن طريق استعادة الحصن وتحويله إلى متحف تاريخي مفتوح. ويعتبر الحصن تراث تاريخي هام نظراً لدوره الفعال في الحروب القديمة، ولكونه نقطة استراتيجة هامة في الحروب ما بين هولندا وألمانيا وأسبانيا.
للوهلة الأولى ستجذب أنظارك العديد من السفن والمراكب الشراعية التقليدية، وهو ما يؤكد على إن الحصن يجمع ما بين عبق التاريخ وحداثة الحاضر، ويمكن للزائر أن يستأجر زورق صغير في رحلة يشهد فيها جمال هذه البحيرات المحاطة بالأزهار الجميلة والطيور المائية المختلفة.
ويضم الحصن كنيسة ضخمة تعود إلى عام 1869، حيث تحولت الكنيسة التاريخية التي أقيمت في عام 1607 إلى متحف تاريخي لعرض كافة مقتنيات الحرب كالأسلحة والذخائر المستخدمة. ومن أهم معالم حصن بورتانج الطاحونة الهوائية التي تقف شامخة في قلب الحصن، وكان وجودها مطلب شعبيا نادت به الجماهير في ذلك الوقت كبديل عن الطاحونة الصغيرة التي لا تتناسب مع جمال الحصن، كما توجد طاحونة أخرى لطحن البذور الزيتية وتحويلها إلى وقود لإضاءة المكان، وهو الأمر الذي كان شائعاً إبان العصور القديمة.
وفي محيط حصن بورتانج، ووسط أشجار يٌقدر عمرها بمئات السنين، تنتشر العديد من المحال التجارية التي تفتح أبوابها أمام الزائرين، كما تتناثر آثار تؤرخ للحروب بين هولندا وأسبانيا، وتوجد منازل بعض من قادة الحرب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق